التحول الرقمي ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية والأدوات الحديثة
ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي


تبني النظم الإدارية الحديثة مرتكز أساسي للتحول الرقمي

يشهد العالم في عصرنا الحالي، ثورة تكنولوجية هائلة باتت تؤثر في مختلف جوانب الحياة البشرية، من بين أهم الجوانب التي تؤثر فيها هذه الثورة، تأثيرها في تفكيرنا، ونظرتنا للواقع من حولنا، كما يؤثر التقدم التكنولوجي في كيفية نمو وتحسين المجال الإداري بشكل عام والتجاري بشكل خاص، فقد أصبح تبني وتطبيق أحدث النظم الإدارية المعتمدة عالمياً، ضرورة ملحة لتحقيق التميز والنجاح في مؤسساتنا العامة والخاصة.

على مدى عقود، انبثقت فكرة استخدام النظم الإدارية المتطورة والحديثة، سبيلاً إلى تحسين وتحقيق الجودة الشاملة بالمؤسسات العامة والشركات الخاصة، وذلك من خلال تعزيز فاعلية وكفاءة أنشطة العمليات التشغيلية التي كانت تتم بتلك المؤسسات والشركات وأحياناً بمراكز التطوير الأممية.

كانت تُعَدُّ فكرة التحول الرقمي دافعاً قوياً للتطور المستمر وتحسين أداء الأعمال الإدارية في تصنيع، ومعالجة، وتقديم السلع، والخدمات، والحلول، وهي الآن تتطلب اهتماماً أكثر على مواكبة تقنيات العصر وتكنولوجيا المستقبل وعلاقة تطوير وتحديث تلك التقنيات بالركائز الثلاثة الرئيسة التي تدعم فكرة العمليات، التخطيط والتنظيم - التوجيه والرقابة - المراقبة والتقييم.

يمكن للنظم والتقنيات الحديثة أن تكون رافداً قوياً لتعزيز مفاهيم الحوكمة المؤسسية وتبني جملة من الأنظمة الإدارية والخبرات الفنية المعتمدة عالمياً وتطبيقها، لتُمكِّن إدارة الأعمال الإدارية، والتجارية والصناعية والإنتاجية وغيرها على تحقيق مؤشرات المتنافسة العالمية، وـثحسب صالح مؤسساتنا العامة وشركاتنا الخاصة.

 

مع اقترابنا من الانتقال إلى الثورة الصناعية الخامسة، يحتاج تبني وتطبيق هذه النظم إلى أن تكون مدعومة بالمعرفة الكافية بماهيتها وإجراء الدراسات، والتحليل الدقيق الذي يصاحب عادة هذا التقدم؛ للحد من التحديات والتهديدات التي باتت تظهر مع الفرص الجديدة في مجال الأجهزة الرقمية الحديثة، وذلك بمزيد من القوانين والتشريعات لصالح الإنسانية، مثل تقييد الأبحاث غير المدروسة عواقبها والمخططة أممياً من جراء تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وسلسلة الكتل، وإنترنت الأشياء، وتطلعات الولوج إلى عالم الماورائيات بهوياتنا الرقمية

 
التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

لذلك، فإن مواكبة هذه التحولات ومجاراة الثورة التكنولوجية المعاصرة، تتطلب تعزيز العامل البشري بالمعرفة والتحصيل العلمي، لأن المعرفة في هذه الحالة، تصبح محور الدوران الذي سيقود إلى تحسين وتطوير الركائز الثلاثة مجتمعة. حيث يمكننا من خلال إدارة هذه الركائز بتناغم محكم ومتجانس؛ تطوير المنصة المجتمعية في كافة المجتمعات، أي بتحقيق مفهوم "الأنسنة" الإنسانية، للموازنة بين الحقوق والواجبات لجميع العاملين في الكيانات المؤسسية، هذه المواكبة ستزيد من فرص مجاراة التقنيات الإدارية الحديثة.

 

أي يُعد تحقيق التميز والنجاح في المجال الإداري والتجاري ممكناً من خلال تبني واستخدام أحدث النظم والتقنيات العالمية. أي تتطلب هذه العملية تعزيز المعرفة والتحصيل العلمي للمواكبة والاستفادة من التطور التكنولوجي والثورات الصناعية الحديثة التي تحدث تغييراً جذرياً في أساليب الإدارة والعمل. من خلال هذا الجهد المشترك واستثمار الممكنات الحديثة، يمكننا أن نحقق التقدم والتطور المستدام في مجال إدارة الأعمال وتحسين خدماتنا الإدارية بفاعلية وجودة عالية.

الركائز الثلاثة الرئيسة التي تدعم النظم الإدارية الحديثة

قبل ذكر المرتكزات الثلاثة الرئيسية التي تدعم تبني وتطبيق النظم التقنية الحديثة، دعونا نذكر أولاً؛ المحاور الرئيسية التي ترتكز حول إعداد المشاريع والتخطيط الاستراتيجي للمؤسسات والشركات، والتي كانت تُشكل في الماضي أساساً للأنظمة الإدارية سوى كانت حديثة أو تقليدية، وكانت تساهم في تحقيق الفاعلية والكفاءة في العمليات التنظيمية بصورة عامة وهي: -

  • التخطيط والتنظيم:

وهو كل ما يتعلق بتحديد أهداف الرؤية ووضع الخطط والبرامج حتى تحقيقها. ويشمل التخطيط أيضاً، تحديد المهام وتوزيع الموارد وتحديد الهياكل التنظيمية والأدوار في المؤسسة/الشركة لتحقيق أهدافها بكفاءة.

  • التوجيه والرقابة:

يتمثل تقديم التوجيه والرقابة في تقديم الدعم الإداري لفرق العمل والموظفين، وذلك لتحقيق الأهداف المحددة في كل مرحلة من مرحلة العمليات التشغيلية، بينما تتضمن الرقابة، مراجعة أداء المؤسسة والموظفين ومراقبة تنفيذ كل من أنشطة العمليات اليومية وأهداف الخطط نفسها، للتأكد من أن الأهداف الاستراتيجية تتحقق بشكل فعال.

  • المراقبة والتقييم:

ترتكز عمليات المراقبة والتقييم، على قياس مؤشرات الأداء الفردية والمؤسسية، وإجراء التقييم والمقارنة لتحديد مدى تحقيق الأهداف المحددة. يستخدم في هذه الحالة تحليل البيانات والمعلومات لاتخاذ القرارات الاستراتيجية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين لضمان استمرارية وتحسين أداء المؤسسة. 

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

ورغم ذلك نجد أن فكرة تبني وتطبيق أحدث النظم الإدارية المعتمدة عالمياً في شتى مجالات الحياة، قد نشأت منذ عشرات السنين، إلا أنها مازالت تشكل دافعاً قوياً للتطوير وتعزيز عوامل الجودة الشاملة لمؤسساتنا العامة والخاصة؛ وخاصة عند إنتاج السلع الإنتاجية ومعالجتها وعرضها في شكل خدمات ومن ثم تقديمها في شكل حلول إدارية للمستخدمين لها أو حال توصيل ومناولة تلك المنتجات أو السلع مع المستفيدين النهائيين لها. 

 
ولما كان التأثير الأكبر 
في مجال أعمالنا الإدارية العامة في هذا العص، بفعل التطور التكنولوجي، فكان لا بد من تغيير المرتكزات التقليدية السابقة إلى مرتكزات أخرى، تتفق ونوعية تدفق الممارسات العامة فيها، والتي تعمل على تطويرها توجهات ومحركات الرقمنة الحديثة، القادم من عالم استشراف المستقبل، ومنها بطبيعة الحال مجال التقانة المعلوماتية، حيث نجد أن فكرة التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة باتت تفرض نفسها باعتبارها ركيزة للتميز وتحقيق النجاح والفلاح.

أي بالدفع نحو ضرورة الاهتمام بكل من توجهات استشراف المستقبل ومرتكزات التحول الرقمي الخمسة الرئيسة، حتى يمكننا تحقيق النجاح والتميز والريادة للمؤسسات والشركات، وذلك من خلال الاستفادة من الممكنات الرئيسة الثلاثة التالية التي تمثل الركائز الثلاثة الرئيسة التي تدعم النظم الإدارية الحديثة: -

أولاً، تعزيز القدرات البشرية بالتعليم والتدريب وإعادة تأهيل الشباب المنتج.

 يتعين تعزيز القدرات البشرية بالتعليم والتدريب لتمكين الشباب المنتج وتجهيزهم بالمعرفة والمهارات الحديثة التي تلبي متطلبات سوق العمل.

ثانياً، تعزيز عوامل الاستدامة في الموارد المادية والطبيعية المتاحة.

 يجب تعزيز عوامل الاستدامة في الموارد المادية والطبيعية للحفاظ على التوازن بين الاحتياجات الإنسانية والحفاظ على البيئة.

ثالثاً، تعزيز عوامل الارتباطات المتعلقة بالإدارة الرشيدة.

ينبغي تعزيز عوامل الارتباطات المتعلقة بالإدارة الرشيدة للمؤسسات والشركات، وضمان تحقيق الشفافية والأداء المتميز، من خلال تبني وتطبيق النظم الإدارية الحديثة وتقنيات المستقبل.

نستنتج من الركائز الثلاثة أعلاه، أن الاهتمام بالنظم والتقنيات كفيلة بتعزيز مفاهيم الحوكمة المؤسسية وتبني جملة من الخبرات للمبادئ التوجيهية المعتمدة عالمياً. وكذا التجارب والأهداف التي تم تحقيقها بالمؤسسات العالمية والشركات، إلى تحقيق الاستفادة منها في إدارة الأعمال الإدارية والتجارية بشكل مرضي ومواكب لتحديات العصر وتقنيات المستقبل.

لهذا فإن مواكبة ومعالجة تحديات هذه الثورة، لا تتطلب غير تعزيز عوامل المعرفة، لأن المعرفة حينئذٍ، ستشكل محور الدوران الذي سيدور حوله تحسين وتطوير الركائز الثلاث السابقة مجتمعة، كما سبق ذكره؛ وإدارتها باعتبارها مرتكزات أساسية تعمل في تناغم محسوب ومتجانس ومتطلبات المواطنة الصحيحة لتطوير المنصة المجتمعية للمجتمعات، موازنة للحقوق والواجبات؛ نتيجتها مواكبة مواردنا البشرية لفرص التقنيات الإدارية الحديثة والمتطورة دوماً في مجال إنتاج وتحسين وتطوير ومعالجة الخدمات الإدارية وهي مازالت بنفس الكيفية والكفاءة التي تطورت بها خلال الثورات الصناعية السابقة، حتى باتت حقيقة ملموسة في الثورات الصناعية السابقة وفي الثورة الرابعة الحالية، حيث يمكن عادة مواكبتها بنفس الكيفية التي تطورت بها في السابق، كما في مجال أو عالم التقانة المعلوماتية الحالي.

نحن الآن على مشارف الانتقال من الثورة الصناعية الرابعة إلى الثورة الصناعية الخامسة؛ فقد صاحبت متطلبات هذه المواكبة والمجاراة، تحديات وطفرات عديدة في صناعة الأجهزة الرقمية الحديثة، تدفع بها مؤشرات التنافسية العالمية، بأدواتها وآلياتها، كتقنيات الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence-AI) والحوسبة السحابية (Cloud Computing) وسلسلة الكتل (BlockChain) وإنترنت الأشياء (Internet of Things-IoT) .

 

إلى أن ظهر في العالم بعض التحفظات على قبول تداعيات العصر الرقمي، مثل تصريحات السيد/أنطونيو جوتيرش António Guterres الأمين العام للأمم المتحدة، الذي تحفظ محذراً من مآل الذكاء الاصطناعي وتطوره بهذا النسق المتسارع، وخاصة عندما تم توليفه ضمن محولات أولية مدربة بشكل استباقي، مستفيدين من خاصية التوليد المتسارع لقراءات ستنتجها أو تولدها الأجهزة في شكل قرارات نتيجة لعمليات تحليلية مستنبطة من طبقات خوارزمية متسلسلة CHAT Generative Pre-Trained Transformer GPT، والذي أدى إلى الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى هلاك البشرية، وخطراً يهدد البشرية ومنظومات عمل عديدة؛ منها الملكية الفكرية والأبحاث الأكاديمية والنشر العلمي، ما لم نستعد له بمعرفة أكثر عمقاً واستعداداً  على مجابهة المخاطر المتوقعة منه.

  

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

لهذا، فقد اتجهت المؤسسات والشركات المتطلعة للتميز والريادة العالمية إلى تبني مفاهيم علم البيانات والاحصاء مع الحاجة إلى محللي البيانات والأعمال وعلماء البيانات بالاستفادة من خدمات وسائط وخادمات الحوسبة السحابية.

لتقدم في مجموعها دوراً حاسماً ومهماً لأفضل استراتيجيات العمل وممارسات الأعمال العامة في مجال تحسين الخدمات الفنية أو التقنية، وبالتالي تحقيق عامل القيمة المشتركة. وهي مبادئ ومفاهيم أولية يتم تطبيقها بشكل حصري في وحدات عمل المراكز والأقسام والإدارات المعنية بمجال التقانة المعلوماتية.

وتتمثل هذه المخاطر من الناحية الأخرى، باعتبارها ثورة وجوديةٌ تُهدد طبيعة إدراكنا بالأشياء من حولنا في الحياة، فقد أدت تقنيات الذكاء الاصطناعي كما هو متوقع الآن، إلى عوالم جديدة، ستتحكم فيها شخصياتنا الافتراضية، بعد أن كنا نعيش في عالم الطبيعة، الميتافيزيقا Metaphysics إلى عالم الماورائيات؛ الميتافيرس Metaverse، أفتارات تُبحر وتتمخطر في عالم افتراضي، لحياة خيالية لا تُحدّها بعض قوانين الطبيعة، بهويات رقمية تبيع وتشتري وتتنافس وتتبادل المشاعر في صورتها الرقمية. 

لهذا فمن الطبيعي أن ندق أجراس الخطر محذرين للحد من العديد من المخاطر والتداعيات المتوقعة، من وراء الاستمرار في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالاستعداد لهذه التقنيات، مع ضرورة مجاراتها وتفهمها أو جمع المعارف الكافية حولها والعمل على استهدافها بقدر أهميتها وتأثيرها في الحياة، مؤملين تطويعها لصالح البشرية، وعدم اهمالها عند صياغة خططنا الاستراتيجية؛ في سبيل تحقيق أهدافنا التنموية والتحسينية، على أن تؤازرها تحديات التطوير بآليات تشغيلية مطورة ونظم وممارسات إدارية مختلفة، تنبع من قدراتنا العقلية، وإدراكنا الفطري؛ بشكل أكثر قوة وأقل تكلفة وأكثر فاعلية وكفاءة.

أي ضرورة السعي نحو الاستفادة من هذه التقنيات في نظم الإدارة الرشيدة نفسها (الحوكمة المؤسسية) (Institutional Governance)، والتي ننتهجها في حياتنا العملية، حتى تبدو لنا ثقافة سائدة راسخة، بقيم مؤسسية مواكبة للتحديات العالمية، وضرورة الاستعانة بنفس وسائلها وأدواتها المستخدمة في مجال إدارة المفاهيم المعرفية وإعادة صياغة مصطلحات إدارة البيانات والمعلومات والمعرفة، حتى نحقق أعلى مستويات النضج الإداري لعقولنا وفي مؤسساتنا، وسيحدث ذلك بوصولنا لتفهم وإدراك أعلى مستويات الحكمة ومآل الحوكمة على قمة مثلث المعرفة.

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

نجد على سبيل المثال، أن مفهومي الحاويات (Containers) والـ (Dockers)، من مفاهيم التقنيات الحديثة، هما المنظومتان المستخدمتان في إدارة ومعالجة البرمجيات التطبيقية (Kubernetes) مُتخذتين من وسائط التخزين السحابي موضعاً افتراضياً لتخزين البيانات والمعلومات الذكية المعاصرة قبل معالجتها وتداولها، وذلك بعد أن فقدت السيرفرات أو الملقمات التقليدية للخادمات الأرضية Servers))، والتي كانت تُستخدم فيما سبق أثناء إنتاج ومعالجة الخدمات بشكل تقليدي، دورها وقيمتها الوظيفية، في ظل نظم وتقنيات حديثة تعتمد على معالجة البيانات من على الوسائط السحابية، وتداعياتها الأقرب لعوالم الماورائيات والحياة الافتراضية كما تقدم ذكره، ويرجع ذلك لقصور الملقمات الأرضية تجاه تقديم خدماتها لمفاهيم الواقع الافتراضي (Virtual Reality-VR) والواقع المعزز  (Augmented reality-AR) بل وتضاربها وغيرها من المصطلحات مع المفاهيم والأنظمة التقنية المستحدثة حالياً.

 

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

هذا بالإضافة إلى ضرورات مواكبة التقنيات والنظم الإدارية عالية الجودة، والتي لا تقل أهمية عن التطور الحاصل في الأجهزة الرقمية، للاستفادة منها في معالجة تلك البيانات والدفع بها نحو تحقيق متطلبات أجهزة المساعدات الذكية والاندماج في عالم الماورائيات، وتجاه تحسين مؤشرات التنافسية العالمية على مستوى الدول وتعزيز بيئة الخدمات الإدارية الذكية لمؤسسات المدن والشركات الأكثر ذكاءً.

لهذا بات العالم يتطلع في سبيل استغلال هذه التقنيات والاستفادة منها في نمو وتطوير الأعمال الإدارية والتجارية للمؤسسات العامة وأعمال الشركات والهيئات الدولية، إلى سرعة مجاراتها وتحسينها بشكل استباقي، حال تحديد الأهداف الاستراتيجية وصياغتها بشكل دقيق ضمن خطط وهياكل سيناريوهات للعمل تطلبها الأعمال الإدارية المعاصرة.

كل ما تقدم، أدى إلى ظهور نظم ومفاهيم مساعدة عديدة؛ فرضت نفسها استجابة لهذا النمو المتنامي في العالم المعاصر. كنظام قيمة الخدمة (Service Value System-SVS) ، الذي تضمنته الإصدارة الرابعة من الممارسة العامة ® 4ITIL لسلسلة مفاهيم "مكتبة البنية التحتية لتقنية المعلومات" باعتبارها أفضل ممارسة إدارية عامة عند إدارة خدمات التقانة المعلوماتية.

فقد تبنت هذه الممارسة، مع بعض القيم والمبادئ التوجيهية المتعلقة بالنظم الإدارية الحديثة الداعمة له، مثل (Agile, Lean IT and DevOps/DevSecOps….)، وهندسة موثوقية مواقع الإنترنت (Site Reliability Engineering) والعديد من النظم التقنية المرتبطة بالحوسبة السحابية.

كما يمكن الاستعانة بها في تحسين جودة جميع أشكال الخدمات الفنية، لتحقق بها وحدة العمل أو المؤسسة/الشركة جملة من الفوائد المادية والمعنوية الملموسة، كما اعتمدتها آخر إصدارات النسخة الرابعة والأخيرة من (ITIL ® 4)، ضمن هيكلية بنائها الإداري. ومنها: -


1)   الاستفادة من الإمكانات العديدة التي تتمتع بها تلك التقنيات الحديثة عند التصدي للتحديات والمصاعب التي تواجه العمل في مجال إنتاج وإدارة الخدمات التقنية. ومن ثم: 

2)   تحقيق عامل القيمة أو تضمينها ضمن الخدمات الفعلية المستهدفة، فيما يُعرف بمتطلبات سلسلة قيمة الخدمة (Service Value Chain) التي تدير بها وحدة العمل أو المؤسسة/الشركة أعمالها وتسعى إلى الالتزام بها وتحقيقها. 

3)   إدارة ومعالجة أنشطة عملياتها والإجراءات والممارسات الأخرى التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على تحقيق فاعلية وفعالية عامل القيمة في تلك الخدمات الإدارية المستهدفة. 

دراسة حالة: سلسلة شهادات (ITIL®)   

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

تعتبر سلسلة شهادات "مكتبة البنية التحتية لتقنية المعلومات" ®ITIL ، من أشهر الممارسات العامة للنظم الإدارية الحديثة، والتي تتمتع لاحتوائها على مؤشرات أداء رئيسية ملائمة للمعايير المستخدمة عالمياً، من أكثر النظم الإدارية قيمة وطلباً عند اعتماد كفاءة العاملين وقياس مؤشرات أدائهم، أو توظيفهم والاستعانة بهم في مجال إدارة خدمات التقانة المعلوماتية. لأنها تعكس بكل بساطة المبادئ التوجيهية العامة عند ممارسة الأعمال الإدارية، والتي ترافقت مع الثورة الرقمية الحديثة ومتطلبات إدارة تدفق الممارسات والأدوات لكل من التحديث الرقمي والتحول الرقمي على وجه الخصوص بالمؤسسات والشركات.

 

وهكذا، لا تزال سلسلة شهادات ®ITIL، بما تعتمدها من مجموعات واسعة من المفاهيم والممارسات العامة هي الأكثر ملاءمة لإدارة أنماط العمل لقطاع الأعمال الإدارية والتجارية والصناعية، لأنها تعتمد على إلمام الموارد البشرية العاملة في مجال التقانة المعلوماتية بمختلف المفاهيم والمصطلحات الإدارية الحديثة، وهي المفاهيم المتعلقة بأفضل الممارسات العامة.  باعتبارها منظومة تعمل وفق، معمارية الخدمات الموجهة أو المعمارية الموجهة بإدارة الخدمات (Service Oriented Architecture-SOA) عوضاً عن ارتباطها بمفاهيم ونماذج المنهجيات، المعروفة بــمعيارية العمليات الموجهة أو المعمارية الموجهة بالعمليات (Processes Oriented Architecture-POA). لأن هذه الأخيرة ما هي إلا نماذج لمنهجيات مقيدة للحرية والمرونة، وإن كانت المؤسسات والشركات في عالمنا العربي، مازالت تنتهجها وتستخدمها أثناء أداء أنشطة عملياتها بإجراءات وتعليمات محددة، بل وموجهة بشكل إداري لا ترقى لتحديات العصر الرقمي.

التحول الرقمي وتبني النظم الإدارية الحديثة ركيزة التميز والنجاح في العصر الرقمي

متطلبات التميز والنجاح في العصر الرقمي 

يتطلب التميز والنجاح في العصر الرقمي مجموعة من العوامل والاستراتيجيات المختلفة لتزدهر في المشهد التكنولوجي سريع التغير، فيما يلي بعض أهم المتطلبات الأساسية لتحقيق التميز والنجاح في العصر الرقمي: -

 

👈   تبني/مواءمة التطورات التكنولوجية Adopting/adapting technological advances

 

تحتاج المؤسسات/الشركات والأفراد إلى تبني أحدث النظم والتطبيقات التكنولوجية والتكيف معها، حيث يجب أن يتضمن ذلك، اعتماد أدوات ومنصات وحلول رقمية جديدة، تُعزز من الكفاءة الإنتاجية وتحقيق التواصل والترابط المتناغم بين مختلف وحدات العمل.

 

👈   التعلم المستمر والارتقاء بالمهارات Continuous Learning and Upskilling

 

تطور التكنولوجيا بوتيرة سريعة أدى إلى ضروري تعزيز ثقافة التعلم المستمر ورفع المهارات المكتسبة لدى العاملين بالمؤسسات/الشركات، لهذا يجب على الأفراد والمؤسسات والشركات الاستثمار في برامج التدريب والتطوير الفاعلة، للبقاء على اطلاع بأحدث الاتجاهات واكتساب مهارات جديدة ذات صلة بالعصر الرقمي.

 

👈   نهج يرتكز على العملاء Customer-Centric Approach

 

أصبحت توقعات العملاء في العصر الرقمي، أعلى من أي وقت مضى. لهذا يُعد توفير ومعالجة تجارب العملاء، والتي تبدو باعتبارها خدمات شخصية، أو باعتبارهم جزء أصيل من أصول المؤسسة أو الشركة Customer's Assets، وذلك من واقع توفير القيمة المشتركة التي يتوقعونها بشكل استثنائي،  أو تلبية احتياجاتهم على الفور؛ أمراً ضرورياً لبناء ولاء المستخدمين الداخليين والمستفيدين والعملاء الخارجيين، بمثابة اكتساب ميزة تنافسية للمؤسسة/الشركة.

 

👈   اتخاذ القرارات المستندة إلى تحليل البيانات Decisions based on data analysis

 

أصبحت عمليات معالجة البيانات، قبل تداولها، أو اتخاذ القرارات، من الأصول القيمة في العصر الرقمي، حيث يتيح اتخاذ قرارات مستنيرة استناداً إلى دراسة وتحليل البيانات للمؤسسة/الشركات؛ من أشهر الاتجاهات والمحركات لاستشراف المستقبل، وذلك لتحسين أنشطة العمليات التشغيلية وإنشاء وتبني أهداف استراتيجية ذات علاقة بالرؤية المستهدفة للنمو والتطور.

 

👈   عقلية رشيقة وقابلة للتكيف Agile and adaptable mindset

 

تُعد المرونة والقدرة على التكيف مع تحولات السوق ومواكبة التقنيات الإدارية الناشئة، أمراً بالغ الأهمية للنجاح والبقاء وتحقيق التنافس، وذلك في ظل تداعيات الاضطراب المستمر تجاه التقنيات المعاصرة، وعوامل التغيير التي تعترض عادة نمو وتميز المؤسسات/الشركات في هذا العصر الرقمي.

 

👈   الأمن السيبراني والخصوصية Cyber Security and Privacy

 

مع زيادة اعتماد المؤسسات/الشركات والأفراد على التقنيات الرقمية، يصبح ضمان تدابير الأمن السيبراني القوية وحماية بيانات العملاء أمراً بالغ الأهمية، من خلال التركيز القوي على الأمن السيبراني وضمانات السلامة كضرورة من ضروريات الحفاظ على السمعة الطيبة والثقة المتبادلة.

 

👈   التعاون والشراكات Collaboration and Partnerships

 

يجب أن يؤدي التعاون بين المؤسسات/الشركات؛ وجهات المنافسين في مختلف قطاعات الأعمال الإدارية والصناعية والإنتاجية، إلى حلول مبتكرة ونمو أسرع لجميع الأطراف، وذلك إذا ما تبنوا جميعاً مفهوم التنافس المشترك Win-Win، وساد الشعور بهذا المفهوم بين مكونات نفس قطاع العمل، سيؤدي ذلك حتماً، إلى التغلب على التحديات المشتركة وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق. بقدر انتهاجها والتزامها بمتطلبات؛ أهمية تحديد الشريحة الغنية أو المكانة التجارية المرموقة Positioning-Niche

 

👈   الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية Sustainability and Social Responsibility

 

في العصر الرقمي، هناك تركيز متزايد على الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، يمكن أن يؤدي تبني ممارسات صديقة للبيئة والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع إلى تعزيز سمعة العلامة التجارية وجذب المستهلكين الواعين اجتماعيًا، وقد تناولت موضوع المسؤولية المجتمعية في هذا المقال.

 

👈   التسويق الرقمي والعلامات التجارية Digital Marketing and Branding

 

يعد إنشاء وجود أو حضور قوي عبر الإنترنت، سواء لمشاريع ريادة الأعمال أو المؤسسات العامة والشركات الخاصة، يتم من خلال جهود التسويق الرقمي وتعزيز العلامات التجارية، وذلك باعتباره  أمراً حيوياً في الوصول إلى جمهور أوسع والبقاء على صلة بأسواق العصر الرقمي.

 

👈   الابتكار والإبداع Innovation and Creativity

 

يمكن أن يؤدي تبني ثقافة الابتكار بالمؤسسات/الشركات، إلى تشجيع عمليات تحسين عوامل ومؤشرات الابتكار لدى المؤسسة/الشركة، وإلى تنفيذ عمليات إبداعية متميزة، تؤول إلى تحسين سمعتها وشهرتها وقيمة منتجاتها وخدماتها التي تنتجها وتقدمها لعملائها، لأن الأفكار الرائدة والعروض الإبداعية الفريدة غالباً ما تميز المؤسسات/الشركات عن منافسيها.

 

الخلاصة: 

يتطلب تحقيق التميز والنجاح في العصر الرقمي اتباع نهج استباقي تجاه التكنولوجيا، والتعلم المستمر، والتركيز على العملاء، واتخاذ القرارات القائمة على البيانات، وخفة ومرونة الحركة أو تبني عقلية رشيقة لإدارة الحراك التفاعلي اليومي أثناء تنفيذ أنشطة العمليات التشغيلية وإجراءات العمل، والأمن السيبراني لحماية البيانات وأصولها من المعلومات والأفراد والممكنات المادية والعينية والتعاون، والاستدامة، والتسويق الرقمي، والالتزام بمؤشرات الابتكار، لهذا تُعد المؤسسات/الشركات  والأفراد الذين يدمجون هذه المتطلبات بشكل فعال في استراتيجيات أعمالهم، هم  من سيكونون في وضع أفضل للازدهار في المشهد الرقمي الديناميكي والتنافسي.

 

 تقبلوا فائق تحياتي
المستشار الهندسي/ خالد موسى إدريس

Electronics Eng. Khalid Moussa Idrees Sharief

+971507363958

Kmidris59@gmail.com


Khalid Moussa idris

مقالات ومحاضرات ودورات وورش عمل. م. خالد إدريس: تعزيز المحتوى العربي في مجال التقانة المعلوماتية، أفضل الممارسات العامة، المدن الذكية، استشراف المستقبل، التحول الرقمي، سلسلة الكُتل، ريادة المشاريع، مؤشرات التنافسية العالمية، مكتبة البنية التحتية، وعالم الميتافيرس..

إرسال تعليق

يمكنك التعليق على المحتوى وإبداء رأيك بكل صراحة، ومشاركة مواضيع المدونة مع الآخرين، دعونا نشجع شبابنا على الابتكار والإبداع في حياتهم العملية.

أحدث أقدم

فرصة لا تُعوض

نموذج الاتصال