سينتصر الحق حتماً لصالح الشعوب المستضعفة

 سينتصر الحق حتماً لصالح الشعوب المستضعفة

يتجه العالم اليوم بسرعة البرق للمرحلة الثانية أو الثالثة من الثورة الصناعية الرابعة، إذ نحن الآن على أعتاب ثورة صناعية خامسة، هناك من يسابق الزمن مندفعاً ليطرق بابها، غير آبه لمآلها، وهناك من ينتظرها غير مبال بها، تاركاً الباب موارباً خجلاً، بل قُل يرجف خِيفة، لا يدري ولا يعي أبعادها أو كنهها.

 

وأنا بدوري لا أخفيكم سراً، من واقع قراءآتي ومشاهداتي واهتماماتي العديدة، أرى أن لهذا العصر تأثيراً جوهرياً ملموساً في شتى مناحي الحياة من حولنا، يستطيع أي مراقب أن يدركه ويلاحظه، بل ويحدده بسهولة، قبل أن يتوقع تداعياته الكثيرة والمتنوعة.

سينتصر الحق حتماً لصالح الشعوب المستضعفة

لهذا فإن شعوري بدوري هذا المتواضع حقاً، يقودني إلى دعوة القارئ للتأمل، وتدبر مشاهداته اليومية. لأن التأمل سيقوده حتماً إلى ضرورة التغيير في نمط حياته واهتماماته، وإدراكه بما حوله.. تحولاً في القناعات، يؤدي إلى زيادة إيجابية تدعو بدورها إلى مواكبة عالم التقنيات، بصفته الفردية والإنسانية، أو كنتيجة متوقعة على تحمل مسؤولياته وانتمائه تجاه المجتمع.  

 التقنيات الحديثة ودور الشعوب

كما لا يخفى عليكم، أن العالم الآن، يتجه بكل قوته، لما بعد الإنترنت الحالي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأجهزة الروبوتات التي تحاكي البشر، وتريد أن تستحوذ على مقاليد الحياة البشرية، هيهات وإن بات الجميع في رحلة مكوكية إلى المجهول، من عالم الطبيعة والمجسدات، الميتافيزيقا Metaphysics، إلى عالم ما وراء الطبيعة، وعالم الميتافيرسMetaverse . وروح الله المتمثلة بمراد الخالق وحده، في المحسوسات والملموسات والعواطف الإنسانية إلى عالم هلامي لمجسمات خيالية تحمل هوياتنا الافتراضية وتقوم بأدوارنا ومسؤولياتنا.

 

أصبحت الرحلة المكوكية نفسها، رحلة في الخيال، والمجهول، ونقلة نوعية متعاقبة لم نشهد مثيلاً لها من قبل، تنطلق بسرعة الفيمتو ثانية نحو المجهول، في عالم تحكمه الأهواء، والتنافس مجانباً فطرة الله التي فطرنا عليها والأخلاق وكل شيء يلجمه في مراحه.

سينتصر الحق حتماً لصالح الشعوب المستضعفة

 

ستطلق هذا الرحلة من ورائها بشراً ومجتمعات، وتجمعات عمرانية خاوية من البشر الطبيعيين، هذا ما يسعون إليه، عالم بشري يحل محله كائنات وأشباه بشر، لا نعلم مدى قوتها، ولا حدود تصرفاتها وأخلاقياتها، وكما سيعجزنا تفسير سلوكها مقارنة بما نشأنا عليها من ثقافات وجمعناها من قصص جداتنا وتراثنا، التي تعيش معنا حتى الآن، لتحكمنا تلك الكائنات الجديدة، في مجتمع روبوتات شبه إنسانية، تحل محلنا، معقولة!!! مراد الله خالق الكون سبحانه وتعالى فوق كل شيء، وكفى بالله وكيلا.

 

أسمحوا لي أن أعيد ذكر مفردة "معقولة!!!" الاستفهامية، مرة أخرى، قبل أن استرسل في مقالي، الذي سيوحي للبعض أنني، العبد لله: قد أكون أحد هؤلاء الكائنات ... ولكن يقال، والعهدة على الراوي. عندئذٍ، ستزيد الهوة بين المجتمعات، مجتمعات تدافعت على جهلها بغير حساب، نحو إيجاد هذا العالم الجديد وتوليده من العدم، وأخرى أكثر جهلاً، طالما تقاعست عن الركب، شعوب ومجتمعات مستهلكة غير منتجة، ستعيش في أفضل حالاتها قرون الظلام، مرة أخرى.

 

عودة لفقرة التقنيات التي ستقودنا إلى المجهول، أو كما يتوقعها العالم نحو عالم الماورائيات، والعديد من الأجهزة والتقنيات والأدوات التي تتصدر الأخبار، وأوراق البحث ،والدراسات، والتحليلات.

 

سأكتفي بالحديث هنا عن الـ NFTs  الجديدة، وهي تقنية Non-fungible token  ، اختصار لمفهوم حديث أصبح يستحوذ على عقول الشباب، ويعني الرمز الغير قابل للاستبدال أو الشفرة الرقمية المتولدة، لتحديد هوية الأشياء والأصول وتأمين حقوق ملكيتها، والتي تُنشئها آليات ترميز وتصنيف معقدة، تولدها طبقات خوارزمية تعمل بالذكاء الاصطناعي وتطلقها في شبكة الانترنت لصالح تقنية سلسلة الكُتل، أي في عالم افتراضي، يحكمه اللامركزية، والشفافية التي لم ولن نجد لها مثيلاً في سابق عهدنا وتراثنا وعاداتنا وحضاراتنا، تتبعها مساءلة عالمية لكل شخص بشري يخترق خصوصية هذه الشبكة، إذا قام بإجراء أي صفقة من الصفقات التجارية المشبوهة، أو تلاعب وأخترق الملكيات في سجل الأصول ونسبها لغير مالكيها الأصليين.

 

إن الأصول غير قابلة للاستبدال NFTs ، كائنات وإن كانت مجسدة فهي غير ملموسة، تتمتع بحقوق ملكيات تجمع بين الحقيقة والخيال، كلها نتاج تقنيات تعمل عبر شبكة الإنترنت، في عالم يُطلق عليه الميتافيرس.

 

لهذا يجري العمل من حولنا على قدم وساق، نحو تفاعل جديد مع شبكة الإنترنت وتعزيز صلاحياتها وأبعادها، مما سيكون لها آثار هائلة على المجتمع، مفروضة على البشرية، كما جاء في صحيفة الواشنطن بوست "هذا الإنترنت الجديد" أمر لا مفر منه... وكان كبار المسؤولين في وادي السيليكون مهووسين بالفكرة"

"This new internet" is inevitable... and the Silicon Valley C-suite has been obsessed with the idea. Washington Post

وبعدين؛ وديل اللي أحنا فاكرنهم عقولنا ومصادر إلهامنا...

ومما زاد من مخاويفي، التي بدأت بها الفقرة الثانية من هذا المقال، ما سبق وعبرت عنه بعض أكبر المؤسسات مثل فوربس، عن هذا العصر المبني على الاقتصاد الرقمي والمعرفي. بقولها "يجري العمل على تفاعل جديد للإنترنت، وسيكون لذلك آثار هائلة على المجتمع."   

"A new interaction of the internet is being worked on, and this will have massive implications for society."

 

إن كانت الآثار مقبولة، فهي تحمل أخبار إيجابية رغم تخوفنا من المجهول... يقال من بين تلك الإيجابيات. أن مع NFTs لا أصول ذهب ستُنتقل من مخابئها مباشرة إلى عملائها عبر الحدود، أو يتم شحنها خفية عبر مطاراتها، أو ستأتي لدولنا الهبات لبائعين وخونة لأوطاننا في طائرات خاصة مجهولة، أكثر المتفائلين يقول، هناك عالم جديد آت. سينتصر فيه الحق لصالح المستضعفين، ولكل من يسارع بمحاولة فهمه والاهتمام به ومعايشته، وخاصة جيل اليوم، فدعوهم يخترقوا هذا العالم، يفهموه على حقيقته، فشبابنا ومؤسساتنا التعليمة ورجال فكرنا وفلاسفتنا على قلتهم،  خير عون لنا ولتحسين ظروفنا، وتقوية مستويات ضعفنا وهواننا على أنفسنا.

حقوق الملكية في هذا العصر الرقمي     

نعم، تأمين حقوق الملكية في هذا العصر الرقمي، وفق معارف عالية القيمة، قد يكون أحد أهم اسلحتنا لمجابهة التغيرات غير المسؤولة، ساحة مفتوحة لجهاد من لا جهاد له، حيث لا مكان للاحتكار بعد اليوم، لا عودة للتجاوزات في الملكيات كما كان في الماضي، أساساً للرأسمالية والثروة واستعمار المستضعفين في العالم....

 

سينتصر الحق حتماً لصالح الشعوب المستضعفة

ورغم ذلك، لم تحسب بعض حكوماتنا وبعض شركاتنا الإقليمية، حدود ملكياتها، هبرت واستحكمت بها على موارد دولنا، لأنها تفتقد للدوافع الأخلاقية، بل لا تجدها في قوامس منابتها. غرباً وشرقاً وشمالاً؛ لأسباب منها أن شعوبها أهلكتها نظرة حكامها واحتقارها لها مثل باقي شعوب العالم المستضعفة، أما جنوباً فطالما تخلفنا عن العالم بسنين ضوئية،.... لانعدام الاخلاقيات والحروب التي نشعلها فقط لإبادة خصومنا وهم في الأصل أهلنا، بينما أجزاء من أوطاننا تُنهب وتُهب لغيرنا... هذا غير عمليات النهب لأصولنا وتهريبها للخارج، وإذا تطلب الأمر توصيلها لكل من يدفع مقابلا لها، أو يحول قيمتها عبر بنوكها المفروض وطنية،، كيف لا والبعض أصبح يتاجر بعقيدته وروح دينه، كما يتاجر البعض في قوت الشعوب...وتسجيل الأراضي لمن لا حق له، فالكل بات مشتركاً في جرائم العصر، حتى التلاعب في حقوق الملكية لم تُعد جُرماً، وهي التي أهلكت شعوب قارتنا الفتية.

 

أعتبر كل ما تقدم ملهاة لمحاكاة معاصرة، تحمل نفس مبدأ الاستحواذ، الذي طالما أداروا به مقدرات العالم والتجارة العالمية. هذه دعوة لأصحاب العقول المتطلعة للتقنيات الحديثة. كونوا بقدر العزم مواكبين للعصر، أفراداً وجماعات، وحكومات... سينتصر الحق حتماً لصالح الشعوب المستضعفة.

 * الحكومات الانقلابية استمروا في جهلكم ونفاقكم وسرقاتكم ...

م. خالد إدريس - دبي في 06/12/2023


 تقبلوا فائق تحياتي

المستشار الهندسي/ خالد موسى إدريس

+971507363958

Kmidris59@gmail.com

Khalid Moussa idris

مقالات ومحاضرات ودورات وورش عمل. م. خالد إدريس: تعزيز المحتوى العربي في مجال التقانة المعلوماتية، أفضل الممارسات العامة، المدن الذكية، استشراف المستقبل، التحول الرقمي، سلسلة الكُتل، ريادة المشاريع، مؤشرات التنافسية العالمية، مكتبة البنية التحتية، وعالم الميتافيرس..

إرسال تعليق

يمكنك التعليق على المحتوى وإبداء رأيك بكل صراحة، ومشاركة مواضيع المدونة مع الآخرين، دعونا نشجع شبابنا على الابتكار والإبداع في حياتهم العملية.

أحدث أقدم

فرصة لا تُعوض

نموذج الاتصال